مفاجأة مدوية في شهر
العسل!!
زوجي فاجأني بعد أسابيع من زواجي، ليس بهديةٍ
يُعَبِّر بها عن فرحته بالفوز بي، وتحقيق حُلم عمره - كما كان دائمًا يُرَدِّد بشوق
على مسامعي - وإنما فاجأني بأنه مُدمن، يتناول كل ما يقع تحت يديه من المخدرات!
والأغرب أنه كان يتناولها أمامي بلا خجل، مُعَلِّلاً ذلك بأنها كالشاي والقهوة،
مجرد "كِيف"! والذي أدْهشني أكثر: معرفته
الوثيقة بشخصيتي المتديِّنة، فقد تربَّيتُ في بيت علم ودين، وجاء لخطبتي طمَعًا في
اسم عائلتي التي تشتهر بالتديُّن الشديد!
أقْعَدَتْني
المفاجأة، أجهزتْ على حُلمي الذي راوَدَني طفلة، ووضعتُ أسسه صبية، وعقدت العزم
عليه وأنا أخطو أولى خطواتي في بيت الزوجية؛ أن أقيم بيتي على قواعد الدِّين،
وأُشيده بمبادئي التي اعتنقتها منذ وعيت رسالتي في هذه الحياة المليئة بالمُدهشات
والمتناقضات، والتي نقف على أبوابها حائرين، نَتَخَيَّر أي الطرُق نسير، وإلى أي ملاذ نلتجئ، وعلى أي الوسائد نلقي بالأجساد
الثقيلة والأرواح المتعبة؟
وراحت
الأفكارُ تتزاحَم بعقلٍ شارد تهاوى حُلمه سريعًا على عتبات البيت الجديد، قبل أن
يضع قدمًا واحدة، أو يرفع راية، أو يضع قاعدة، مما كنت أحلم وأتهيأ، وأخذتِ
الأسئلةُ الحيرى تتدافَع للصف في أروقة الفكر المحتدم، كلٌّ منها يريد أن يخرج
أولاً: هل أهرع إلى أهلي جاهرة بمصيبتي، أندب
حظي العاثر، لأعلن لومي لهم أنهم لم يسألوا عنه جيدًا، فألقي بطلب الانفصال في
ملعبهم وأحملهم كامل المسؤولية؟
هل أصرخ رافضة، وأطلب الانفصال وأتركه
غارقاً في غيِّه، مُتَحَمِّلاً نتيجة دسِّه للحقائق في ظلمات عقْله، وأتوارى وراء
الأبواب والحياة، حاملة لقب مُطلقة، وأنا ما زلتُ على أعتاب الزواج؟! ويا لهول هذا اللقب في مجتمعٍ يتربَّص
بكل امرأةٍ وحيدة، ويتفرَّغ كل فاقد ضمير ليلقي عليها سَيْل الاتِّهامات الظالمة
والجاهزة!
هل أكشف للجميع سِرِّي الرهيب ومصيبتي المُفجعة غير
مبالية بسُمعتي وسمعة زوجي، ولكن ماذا عن الضرر الفادح بعدها؟!
رُحت
أتخبَّط في حيرتي، وتلك الزلزلة تعبث برأسي.
كل
ما كنت أحلم قدِ انْسَكَب على الأرض، ولا سبيل للملمته، شعرتُ أن الأرض تميد بي
تقتلعني من أرضي الصلبة، تُحاول طردي من أملاكي.
ولكن لأن شخصيتي قوية، وأمتلك إرادتي، كان
قراري بعد تفكير عميق وواعٍ هو: رفْع رايات التحدِّي واضعة لافتة: "زوجي يحتاجني"، لن أترك أرض المعركة كفأرةٍ
جبانة، فاجأها قط شرِس.
لا، لن أنسحب وأدير ظهري معلنة فشلي بهذه
السرعة، وبدأت مرحلة التحدِّي، وكان أول قرار أن يتناول هذه الأشياء بعيدًا عن
البيت؛ لأنَّ البيت بالنِّسبة لي مكانٌ مُقَدَّس، وحتى لا يسقط أكثر مِنْ نظري ورحت
أخوض المعارك معركة معركة، فكنتُ أضعه أمام مسؤولياته، وأعلي مِنْ قدره ودوره
كزوجٍ، وقريبًا أبٍ يقتدي به أولادُه، فكنتُ أصَلِّي وأطلب منه أن يؤمني، وأقرأ
القرآن وأطلُب منه أن يساعدني في حفظه، وتحمَّلْت مراهقته وأدخلته إلى معترك الحياة
الزوجية بكامل مسؤولياتها، ونصبته على منصَّة الشرف والقداسة التي يمنحها لنا
الزواج رُويدًا رويدًا، كما تقطر في جوف الزرع الذي أوشك على الذبول هنية هنية بماء
الحبِّ والرعاية، إلى أن جاء أمرُ الله مكافأة لي على صبري، وردًّا على ندائي في
جوف الليل الذي شهد دموعي وتوسُّلاتي التي لم تنقطعْ، واشتياقي للعودة المُبْهِجة
لزوجٍ أحببته، وتغاضيتُ عنْ أخطائه؛ لأننا بشر نُخطئ ونعود ونرتد ونعلو، ونبعد
لنقترب، فبعد مرور عدَّة سنوات على زواجنا وولادة طفلتنا الأولى، طلب منِّي زوجي أن
أعدَّ نفسي للسفر للعُمرة، وهناك جهر بتوبته في مشهدٍ مهيب، لن يضيع من ذاكرتي
أبدًا، فغمرنا الضوء، ضوء النهار الذي عاد إلى زوجي الحبيب بعد ظُلمة مؤقتةٍ
اجتاحتْه في غفلةٍ من القلب وانشغال الروح، وقال لي - وأثَرُ نداء الله بادٍ على
وجهه المليء بالبِّشْر -: جئتُ هنا لسببَيْن: لأعلن توبتي عند بيته، ولأشكره على
زوجتي الصالحة التي قلدتني بقلادة الحب الأبدي والوفاء النادر! فلم تسعفني الكلمات،
أسكتتني الفرحة، وتحدَّثتْ بدلاً منها العَبَرات.
عزيزتي، لا تجعلي زوجك أسهل شيء تستغنين عنه
عند مُواجَهة أية مشكلة، وتذكَّري دائمًا نِسَب المطلقات والمهْجورات اللاتي يعانين
الوحدة والحرمان.
قصة منقولة للفائدة