البحر الهائج
غادر سليم في رحلة بحرية أقامتها المدرسة لطلاب المرحلة المتوسطة الأولى بعدما انتقل من المرحلة الابتدائية... وكانت الرحلة المقررة لساعتين تقريباً من شاطئ البحر.. ولم يكن سليم ركب البحر في حياته ولا مرة واحدة.. وكان يخشى السباحة..
فشعر سليم بالخوف من اللحظة الأولى عندما بدأ المركب يتحرك ويهتز فوق الماء.. لكنه حاول ألا يظهر خوفه لأصدقائه من حوله..
وما أن تحرك المركب في قلب البحر حتى هبت ريح خفيفة.. فتأرجح المركب فوق الماء.. ورطمت الأمواج جنباته.. فتغير لون سليم.. ولم يستطع عندها أن يكتم حالة الهلع التي أصابته.. وضحك كل من رأى سليم على هذه الهيئة.. دون أن يقصدوا ذلك طبعاً... فقد كانت ضحكتهم طبيعية جداً.. فهم يحبون بعضهم بعضاً.. لكن الحدث فاجأهم... فحزن سليم وخجل من نفسه.. فهاهم كل أصدقائه سعداء.. يمرحون ويلهون وهو يجلس في ركن يمسك المقعد الذي يجلس عليه..
اقترب مراقب الرحلة وهو مدرس الرياضة البدنية.. وهدأ من روع سليم.. وقال له: لا تخف يا سليم.. هل تشعر بأي دوار؟
فهز سليم رأسه بالإيجاب.. فقال له المدرس: هل هو مؤلم؟ لقد آلمني أنا أيضاً أول مرة ركبت فيها البحر.. فهذا الأمر يتعرض له كثير من الناس ويسمى دوار البحر.. وهو يصيب كثير ممن يركب البحر ولكن بدرجات.. وبعضهم قد يفقد وعيه..
ثم أحضر له المدرس دواء لمقاومة دوار البحر.. وأعطاء عصيراً بارداً ليخفف عنه حرارة الجو..
وبعد دقائق.. استعاد سليم قوته.. وبدأ يتأقلم مع الرحلة البحرية.. وكان الأصدقاء تجمعوا في مساحة واسعة في أعلى المركب.. وكان معهم دفّ وطبلة وبدأوا يغنون وينشدون ويتنافس كل واحد منهم بإبراز مواهبه الغنائية.. ثم تنافس بعضهم على قول الشعر..
وشارك سليم أصدقاءه في فرحتهم... ونسي خوفه وما أصابه.. ولم يلم أصدقاءه لأنهم ضحكوا عندما صاح من الخوف.. فهو يعلم أنّهم لم يقصدوا السخرية منه.
وعندما عاد سليم إلى بيته.. قصّ على أمّه وأبيه ما جرى في الرحلة.. وقال لهما إنّه قرر أنْ يتعلم السباحة حتى لا يخاف البحر بعد اليوم..
وكان الأب والأم سعيدان وفخورين بابنهما..