عن محمد بن قيس قال : « بلغني أن العبد إذا قام من الليل للصلاة تناثر عليه البر من عنان السماء إلى مفرق رأسه وهبطت عليه الملائكة تستمع لقراءته واستمع له عمار داره وسكان الهواء ، فإذا فرغ من صلاته وجلس في الدعاء أحاطت به الملائكة وتؤمن على دعائه ، فإن هو اضطجع بعد ذلك نودي : نم قرير العين مسرورا ، نم فخير نائم على خير عمل »
عن عمر بن ذر يذكر ، عن أبيه قال : « بلغني أن العبد إذا قام من الليل للصلاة لم يسمعه شيء من خلق الله إلا استحلى تهجده فدعا له بخير » قال : وإن سكان الهواء وجنان البيوت يستمعون لقراءته ويصلون بصلاته ، وإن ليلته تلك لتوصي به الليلة المستقبلة فتقول : كوني عليه خفيفة وتيقظيه لساعته ، فنعم الصاحب ونعم الناظر لنفسه ، وإن البر ليتناثر على رأسه إذا هو قام إلى التهجد
قال وهب بن منبه : « قيام الليل يشرف به الوضيع ويعز به الذليل ، وصيام النهار يقطع عن صاحبه الشهوات ، وليس للمؤمن راحة دون دخول الجنة »
بينا رجل يصلي بالليل وفي الدار فرس حصان مربوط فجعل الفرس ينفر وجعل ينظر فلا يرى شيئا ، فجعل يفزع ، فأصبح فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال : « تلك السكينة تنزل للقرآن »
عن عبادة بن الصامت قال : « إذا قام أحدكم من الليل فليجهر بقراءته فإنه يطرد بجهر قراءته مردة الشياطين ، وفتاني الجن ، وإن الملائكة الذين هم في الهواء وسكان الدار يستمعون إلى قراءته ، ويصلون بصلاته ، فإذا مضت عنه الليلة أوصت به الليلة المستأنفة فتقول : نبهيه لساعته ، وكوني عليه خفيفة فإذا حضرته الوفاة جاء القرآن فوقف عند رأسه وهم يغسلونه فإذا فرغوا منه دخل القرآن حتى صار بين صدره وكفنه فإذا وضع في حفرته وجاء منكر ونكير خرج القرآن حتى صار بينه وبينهما » فيقولان : إليك عنا فإنا نريد أن نسأله فيقول : ما أنا بمفارقه قال أبو عبد الرحمن : « وكان في كتاب معاوية بن حماد إلي : حتى أدخله الجنة ، فإن كنتما أمرتما فيه بشيء فشأنكما ، ثم ينظر فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، فيقول : أنا القرآن الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ نهارك ، وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك ، فستجدني اليوم من الأخلاء خليل صدق ، ومن الإخوان أخا صدق فأبشر فما عليك بعد مسألة منكر ونكير من هم ، ولا حزن ، ثم يخرجان من عنده فيصعد القرآن إلى ربه فيسأله له دثارا وفراشا ونورا من الجنة ، فيؤمر له بقنديل وفراش من نور الجنة ، وياسمين من ياسمين الجنة ، فيحمله ألف ملك من مقربي سماء الدنيا ، فيسبقهم القرآن إليه ، فيقول : هل استوحشت بعدي ؟ فإني لم أزل بربك حتى أمر لك بفراش ودثار ونور من نور الجنة ، فيدخل عليه الملائكة فيحملونه ويفرشون له ذلك الفراش ويضعون الدثار تحت رجليه والياسمين عند صدره ، ثم يحملونه حتى يضعوه على شقه الأيمن ، ثم يصعدون عنه فيستلقي عليه فلا يزال ينظر إليهم حتى يلجوا في السماء ، ثم يدفع القرآن في قبلة القبر فيتسع عليه ما شاء الله » قال أبو عبد الرحمن : وكان في كتاب معاوية : « فيتسع عليه مسيرة أربعمائة عام ، ثم يحمل الياسمين من عند صدره فيضعه عند أنفه فيشمه غضا كما جيء به إلى أن ينفخ في الصور ، ثم يأتي أهله كل يوم مرة أو مرتين فيأتيه بخبرهم فيدعو لهم بالخير والإقبال ، فإن تعلم أحد من ولده القرآن بشره بذلك ، وإن كان عقبه عقب سوء أتى الدار غدوة وعشية ، فبكى عليه حتى ينفخ في الصور » .
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : « قيام العبد في جوف الليل إلى الصلاة نور يسعى بين يديه يوم القيامة »
كان وهب بن منبه يقول : « ثلاث من روح الدنيا : لقي الإخوان ، وإفطار الصائم ، والتهجد من آخر الليل »
</STRONG>