أمي.. ما لا يجب أن يقوله سواك!!
حكت قائلة: "استوقفتني صديقتي المقربة لي بعيداً عن أعين الزميلات في وقت الفسحة..
- أتوقع أن ما سأقوله سيكون مزعجاً بعض الشيء..
ابتسمت لها وأنا أشعر بالقلق..
- لا أدري..ربما!...أوه..ما الذي تودين قوله؟
- في الحقيقة......
وتزمّ شفتيها شاعرة بإحراج شديد زاد من إحراجي:
-لو لم أكن صديقتك.. ولو أنني لا أعلم أهمية ما أود قوله لما قلته..ولكن......منذ يومين وأنا أشم منك رائحة كريهة.. ولا أدري ما السبب بالضبط.. أهو حذاؤك..أم ماذا؟!
ابتسمت لها بصدق:
- شكراً..شكراً جزيلاً..كم أنت حقاً صديقة وفية..
بقدر ما كنت أفكر في الموضوع وأحاول تحسس تلك الرائحة الكريهة.. كنت أفكر أكثر في فظاعة ذلك..يومين؟ يا إلهي..
وعندما عدت إلى المنزل.. وقبلت والدتي.. حاولت أن أركز نظري في عينيها..
لا أدري..أحقيقة ما رأيت أم أنني أتوهم اشمئزازها..؟
إلا أنها لم توضح لي أي شيئاً..
قررت أن أسأل شقيقتي:
- هل تشمين عند مروري رائحة كريهة؟
ذُهلت لسؤالي..ولكنني أعدته عليها ثلاث مرات..
هزت رأسها أن نعم..ثم أطرقت وتركتني..
أخذت حماماً ساخناً جداً..استمر لمدة ساعة كاملة..بجميع أنواع الصابونات الموجودة لدي..
دفنت جسدي تحت بطانيتي وأنا أحس بشيء من الخجل والكثير من الألم"..
ما الحواجز التي تجعلنا كأمهات نمتنع عن مصارحة أبنائنا وبناتنا بعيوبهم؟ خاصة تلك التي تتعلق بالنظافة والمظهر الشخصي؟
"هذا الجيل متفتح ولا يحتاج إلى آرائنا".
"لم أعتد على ذلك مع بناتي وأبنائي كما لم آلفه من والدتي"
وقد تكون هناك أعذار أخرى أشد إيلاماً كـ(إن ابنتي لا تتقبل مني)مثلاً!
ولكنها جميعها تقود إلى إغلاق باب التوجيه للأبناء.. فنصبح أمام ثلاث نتائج أو أكثر:
إما أن يقوم بالتوجيه والتقويم شخص آخر سوانا..مما قد يسبب لأبنائنا الإحراج..والقلق..وربما الوسوسة..
ربما يشعر بأن هذا الشخص الناصح هو خير له من والديه..أو يشعر بأنه شخص مكروه ويحاول انتقاصه وإيذاءه..
وربما يتعلم من خبرات الآخرين بصمت بعد أن يترك انطباعاً سيئاً لمن مر بهم..
وأخيراً:قد يتعايش مع وضعه.. ولا يفكر في يوم من الأيام أنه على خطأ..أو أن الآخرين يستهجنونه..
إنه ليس من حق أبنائنا علينا أن ندعهم يتعلمون الأمور الهامة والحساسة من غيرنا.. مهما كانت هذه الأمور صعبة النقاش..أو كان الابن صعب التقبل..
هذا واجبنا.. ونحن مسؤولون عنه أمام الله.. ولذا فعلينا أن:
نرشدهم..
نوجههم..
وأن نتابعهم خطوة خطوة..
ومن ثم نقوّم ما اعوجّ من سلوكياتهم أو عاداتهم الشخصية..
مراحل الحياة..والتوجيهات الحساسة:
في السنة الأولى للطفل: لا نحتاج إلى من ينبهنا بأن رائحة الطفل كريهة بسبب كثرة استفراغه..أو أن حفاظته-أعزكم الله-بحاجة ملحة إلى التغيير.. فالطفل النظيف مرغوب من الجميع.. والطفل الذي اعتاد على القذارة.. قد يظل قذراً ما لم يكن هناك تعامل يرغمه على أن يكون نظيفاً فيما بعد..
في المراحل التالية وحتى سنوات الدراسة الابتدائية: تكثر النواحي التي تكون بحاجة إلى الاهتمام..
فرائحة فم الطفل تبدأ بالتغير مع ظهور الأسنان.. وعند الاستيقاظ من النوم.. وفي فترة مرضه أو سوء حالته النفسية..
رائحة شعره تحتاج إلى عناية.. خاصة وإن كان شعره من النوع الدهني..
نظافة جسده.. وهنا تكون المهمة أكثر دقة.. فمعصم اليدين بحاجة إلى نظافة خاصة..والعنق..والأقدام..
الطريقة الصحيحة للاستنجاء..ولا يكون ذلك موكلاً للأم بالكلية، فعليها أن تدرب ابنها على ممارسة ذلك جيداً..ولا يكون موكلاً أيضاً للابن بالكلية.. والمصيبة إن كان الأمر موكلاً للخادمة..
وفي سنوات الابتدائية العليا(الربع والخامس والسادس)على الأم أن تتابع أبناءها من حيث اهتمامهم بالنظافة الشخصية قدر الإمكان، من خلال متابعة دخولهم وخروجهم من دورة المياه، بالإضافة إلى مدى نظافة ملابسهم الداخلية..
يجب أن يفهم الطفل في هذه المرحلة أهمية تبديل ملابسه الداخلية والخارجية بشكل يومي.. وأن الطفل الذي يبدل الملابس الخارجية فقط دون الداخلية لا يخدع سوى نفسه..
نقطة ضوء: تفضل المعلمات والتلميذات التلميذة النظيفة المرتبة الأنيقة مهما كان مستواها الاجتماعي والدراسي.. ومهما كان مستواها المادي أيضاً..
وفي المرحلة المتوسطة يتغير كل شيء.. ويزداد الأمر تعقيداً:
تُضاف إلى النقاط السابقة نقاط جديدة..عندما يصبح الأبناء في مرحلة المراهقة..
وعندها على الأم أن تكون صريحة مع أبنائها على السواء.. وألاّ تسمح لنفسها بتجاهل الأمر مهما بدا لها مخجلاً.. وهنا عليها ما يلي:
أن توضح لبناتها دور الغيارات الشخصية في فترة الدورة الشهرية.. وأن لها طريقة معينة في الاستخدام.. وأن لها أضراراً عظيمة إذا لم يتم استبدالها بغيارات أخرى لأكثر من مرة في اليوم.. وأن تبين لها الطريقة السليمة للتخلص منها في المنزل.. وعند خروجها للمدرسة..وفي السفر..
أن توضح لهن أهمية الاستحمام مرتين في اليوم أثناء هذه الفترة لكثرة إفراز الجسم للعرق في هذه الفترة..
ومن المهم أيضاً أن توضح لهن كيفية الغسل بعد الانتهاء من هذه الفترة.. وأن توفر لهن ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم من المسك لذلك..
لا يغسل الملابس الداخلية للبنات سواهن، وأهمية حرصهن على جعل ذلك بسرية تامة، بعيداً عن أعين الآخرين..وأن يكون الغسيل أولاً بأول.. ومتابعة ذلك من قبلها..
وينطبق الاستحمام اليومي على الأولاد أيضاً؛ فهم في مرحلة تكثر فيها إفرازات أجسامهم. مما يستوجب الاستحمام اليومي..
كيف يعتنون بملابسهم النظيفة.. والتي يرتدونها.. والتي يضعونها.. فالملابس النظيفة يجب ألاّ تُلقى على الأرض..والتي نرتديها نداريها من الجلوس على الكراسي ما لم نتفحص نظافة الكرسي أولاً.. والمتسخة لها مكان مخصص لتجميعها مع مراعاة أن الملابس الرطبة لا يجب أن تكون تحت الملابس الجافة..
غرفة النوم بحاجة إلى تهوية يومية.. فهذا واجب الأبناء تجاه غرفتهم.. وعليهم أن يسمحوا بغسل مفارش الأسرة بشكل أسبوعي.. ونشر البطانيات في الشمس لعدة ساعات، بالإضافة إلى تخصيص شيء من البخور والعطور الخفيفة لها..
حقيبة المدرسة..العباءة..الأحذية..
من الأدوات التي نستخدمها بكثرة وقد نهمل العناية بها.. وبقدر ما تحتاجه الأداة من عناية يكون ذلك..
وأخيراً:إن كنت أيتها الأم بعيدة عن أبنائك لأي ظرف كان.. فإن ذلك لا يمنعك أبداً من أن تهتمي بنظافتهم.. وحسن مظهرهم بالتوصية.. والمتابعة من خلال الهاتف..أو قريبة تثقين بها..
وهذا الكلام يزداد توكيده لك يا من تعيشين مع أبنائك تحت سقف واحد.. فهو كلام..
لا يجب أن يقوله لأبنائك سواك..