هداية عضو ذهبي
عدد الرسائل : 766 الموقع : السعودية هوايتي : اعلام الدول : السٌّمعَة : 0 نقاط : 1279 تاريخ التسجيل : 16/11/2008
| موضوع: حتى يقول ولدك : " لا " للفساد الثلاثاء مارس 08, 2011 9:02 am | |
| حتى يقول ولدك : " لا " للفساد
يعاني كثير من الآباء و الأمهات من بعض تصرفات أولادهم ذكوراً و إناثاً ، و وقوعهم في بعض المناهي الشرعية ، و عدم احترازهم من الفساد بمختلف صوره ، و يتساءلون : لماذا تنجح بعض البيوت في إعطاء الحصانة بينما تفشل أخرى ؟!
و السبب في ظني يعود - بعد توفيق الله - إلى نوعية و رقي التعامل مع الأولاد في السن المبكرة على وجه التحديد .
من الأمور المهمة :
إيجاد قناة اتصال مع الأولاد بصفة يومية ، فحديثك معهم عن كل شيء في حياتهم يزرع في عقولهم ارتباطاً قوياً بك ، و يجعلهم يفضون كثيراً بما يعانونه من مشكلات ، سواء في المدرسة أو مع أصدقائهم ، و لا يمكن أن يتحدثوا إليك ما لم تبدأ أنت بالكلام و تشعرهم بأهمية آرائهم ، و تطلب رأيهم ربما فيما يخصك من أمور ، و تخبرهم أحياناً بما حصل لك في العمل ، و تحكي لهم بعض المواقف التي مرَّت بك ، و تكثر من الثناء على مواقفهم التي أحسنوا فيها .
و بناء الثقة في نفوس الأولاد بإشعارهم بأهميتهم و أهمية آرائهم عندك مقدِّمة لجعلهم يتقبلون ما تحثُّهم عليه من التزام بقيم عليا و مبادئ لا يمكن أن يتنازلوا عنها حتى و لو كانوا بعيدين عنك .
و كذلك من خلال تعليمهم مواجهة المواقف الصعبة و وضعهم أحياناً - و بطريقة ذكية - أمام أحدها ، و ترك المجال لهم ليتصرفوا بطريقة عفوية ، و مراقبة تصرُّفهم ، و بالتالي مكافأة المحسن ، و التنبيه على المخطئ .. ربما في وقت آخر و بعيداً عن التعنيف ، مع الحذر من الزجر و اللهو أمام إخوانهم و زملائهم .
من الوسائل الفعالة كذلك : معرفة أصحابهم ، و التعرف على آبائهم ، و الحرص على ضمِّهم لدائرة معارفك .
وأمر آخر ذو علاقة هو : ما يقع فيه الكثير من الآباء و الأمهات من الاستعجال في التوجيه المباشر عندما يكتشفون تصرُّفاً خاطئاً ، و عدم التفكير في نتائج التوبيخ السريع على تصوُّرات الولد ، و عدم إدراكهم لأنه سوف يلجأ في المرَّات القادمة إلى الظهور بمظهر الطيِّب المطيع الذي يفعل أمامهم ما يريدون و يرغبون ، بينما هو مع زملائه شخصية أخرى مختلفة تماماً .
و من أسباب جعل الأولاد يقولون " لا" للفساد : كثرة سجودك ، و حُسْن عبادتك لربِّك ، و تضرُّعك بين يدي الله عز و جل أن يصلح أولادك و يجنِّبهم المزالق ، و قد كان الأنبياء يدعون لذريَّاتهم .
و من الأشياء المؤثِّرة على جعل الأبناء يقولون " لا" للفساد ، بطواعية : شعورهم الحقيقي بمحبَّتك لهموحرصك عليهم ، فتواجدك معهم دائماً ، و حرصك على مهاتفتهم يومياً إذا كنتَ مسافراً ، أو الاتصال بهم من مكان العمل للسؤال عنهم ، أو أن تطلب منهم الاتصال بك من وقتٍ لآخر إلى مكان العمل ، و التصرُّف الحضاري معهم كما كان الرسول صلى الله عليه و سلم يعمل مع الصغار و الكبار ، و تكرار شكرهم و التلطُّف عند طلب شيء منهم .. باستخدام كلمات مثل : " من فضلك " أو : " لو سمحت " أو " أرجو ألا أكون أزعجتك " ، لها أثرٌ بالغٌ في تمتين العلاقة بين الوالد و ولده ، حتى لو كانت هذه العبارات موجَّهة لطفلٍ لا يتجاوز السادسة من عمره .
كذلك من الأمور المهمة : العناية بالرصيد العاطفي و العلمي لهم ، فتحرص أثناء دخولك البيت على ضمِّهم و تقبيلهم ، و أثناء الطعام على الكلام معهم عن المدرسة ، و سؤالهم أسئلة محدَّدة ، مثل : " ماذا قال مدرِّس العلوم ؟ " و ما شابه ذلك ؟ و أيضاً إشعار الأولاد بأنهم يستحقون الاحترام ، و عدم وصفهم بالجهل و الغباء ، و البعد عن إذلالهم ، و محاولة تصحيح أغلاطهم على انفراد ، و تقديم الاعتذار لهم عند الخطأ معهم ، و إخبارهم دائماً أنَّ هناك حدوداً لا يمكن القبول بتجاوزها .. كل هذا يساعد كثيراً على بناء شخصيَّة قوية تقول : " لا " للفساد ، بكلِّ شجاعةٍ و بصيرةٍ . يقول ابن خلدون - في مقدمته ، نقلاً من وصية الرشيد لمعلم ولده - : " لا تمرنَّ بك ساعة إلا و أنت مغتنم فائدة تفيده إياها ، من غير أن تحزنه فتميت ذهنه ، و لا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ و يألفه ، و قوِّمه ما استطعت بالقرب و الملاينة ، فإنْ أباهما فعليك بالشدة و الغلظة " اهـ
و من الأمور التي ينبغي أن يحذر منها الآباء : الأخذ بـ مبدأ إقناع الطفل بالأمر ؛ فإذا اقتنع فطيِّب ، و إذا لم يقتنع تركوه على ما يريد ! و هذا من الطرق التربوية الغريبة التي ثبت فشلها في الواقع .
و الإقناع مهم ، و لكن إذا لم تنفع الوسائل المختلفة فلا بد من اتِّباع وسائل أخرى حتى تستقيم طباع الولد .
المشكلة في نظري هي عندما يقول الأب أو الأم أو كلاهما : " نعم " للفساد ... !! أليس كذلك؟!
د. رقية بنت محمد المحارب
| |
|