تطوير المهارات العقلية
غالبية الناس –كما يقول علماء النفس –يستخدمون 10% فقط من قدراتهم العقلية . هذا يعني أن 90% من قدراتنا العقلية غير مستخدمة فإذا كانت كل تلك الإنجازات الحضارية والاختراعات في مجالات الحياة المختلفة ناتجة عن توظيف 10% فقط من إمكانياتها العقلية ، فكيف سيكون الحال لو أننا وظفنا 20% منها ؟ أما على المستوى الشخصي فإذا كان معظم الناس يستخدمون 10% من إمكانياتهم العقلية واستطعت أن تستخدم 12% منها فسوف تكون في نظر الآخرين عبقريا مبدعا فهل هذا ممكن؟
بالتأكيد نعم.
فكما أنه يمكن تطوير اللياقة البدنية ;ا ترتبط كثيرا بالقوة وإنما بالأسلوب الذي تستخدم به تلك القوة والشواهد على ذلك كثيرة فمثلا يستطيع أحد الأشخاص أن يجعل دولارا واحدا يقوم بدور عشرة دولارات كما يقول سكوت وات ، وإذا أردت تغيير إطار سيارتك فأنت بحاجة إلى عشرة دقائق على الأقل أما في سباق السيارات فأنهم يغيرون الإطارات الأربع في أقل من عشر ثواني والسبب في ذلك استخدام أساليب ذات كفاءة عالية.
ماهية العقل الإنساني ؟؟؟؟
لن أتحدث عن العقل بالمفهوم التشريحي الطبي، وإنما بالمفهوم الوظيفي العملي الذي ينظر إلى العقل على أنه مركز للتحكم والسيطرة وتوجيه الطاقات الإنسانية من خلال تحليل المعلومات التي تستخدمها الحواس وتخزينها وتوظيفها واختيار الأفعال وردود الأفعال المناسبة باستخدام آلية التفكير.
ويتألف العقل بالمنظور الوظيفي من جزأين : العقل الواعي والعقل الباطن. وبحسب علماء النفس، فإن العقل الواعي لا يزيد عن ربع مساحة أو حجم العقل الكلي إذا افترضنا أن له مساحة أو حجم، أما الأرباع الثلاثة الباقية فيشغلها العقل الباطـن ومع ذلك فهذا الأخير تابع ومنقـاد للعقل الواعي ولا يتصرف باستقلالية إلا في الحالات التي يكون فيها العقـل الواعي خاملا كما في حالات النوم أو الإرهاق أو الغيبوبـة، لذلك يمكن توظيف طاقات العقل الباطن بواسطـة البرمجة الذهنية أو التنويـم المغناطيسي أو أساليب التأثير النفسية المدروسة التي يعرفها المتخصصون.
فقد ذكر علماء النفس أن من سمات العقل الواعي أنه منطقي وسريع ومجادل، فهو منطقي من حيث ربطه للنتائج بالأسباب، وسريع في توظيف المعلومات المحفوظة والخبرات المكتسبة، ومجادل من حيث قدرته على الشك والرفض والقبول.
أما العقل الباطن فهو غير منطقي، بمعنى أنه لا يربط النتيجة بالسبب، وإنما يقبل إملاءات العقل الواعي ويعتبرها حقائق حتى لو كانت غير صحيحة.
وهو مسالم فلا يعارض العقل الواعي، بل يعمل على تنفيذ تعليماته بإخلاص ويستطيع أن يساهم في التأثير على وظائف الأعضاء، والأهم من كل ذلك أنه قابل للبرمجة والتوجيه.
الذكاء والكفاءة العقلية:
الذكاء صفة تطلق على الشخص الذي يستخدم إمكاناته العقلية بكفاءة وتتجلى مظاهر الذكاء في الجوانب التالية:
1- القدرة على الربط بين المتغيرات المختلفة واكتشاف العلاقة بينها.
2- القدرة على الاستنتاج من خلال التفكير والتحليل.
3- القدرة على التخمين والتوقع من خلال الخبرات المكتسبة.
والحقيقة أن جميع الناس الطبيعيين متقاربون في مستوى الذكاء، ويمكن قياس ذلك بواسطة اختبارات الذكاء التي تعتمد على قياس القدرات الأربعة التي ذكرناها. ويستطيع كل شخص أن يزيد نسبة ذكاءه وكفاءته العقلية من خلال تطوير الأساليب والمهارات العقلية التي سنتحدث بشيء من التفصيل عن بعضها، لكن مجرد المعرفة لا تؤدي إلا اكتساب المهارة ولا بد من التدرب والتمرين لفترة كافية حسب طبيعة المهارة العقلية المطلوبة.
مهارة تحسين الذاكرة:
تتوقف قوة أو ضعف الذاكرة في الحالة الطبيعية على أسلوب توظيفها واستخدامها، أما في حالة المرض فلا بد من العلاج، والعامل الحاسم في عملية التذكر هو "كيفية تخزين المعلومات" وسوف نشرح بعض أساليب التخزين التي تساعد على التذكر، لكن قبل ذلك لا بد من التأكيد على مطلبين أساسيين لتذكر المعلومة هما:
1- الفهم الجيد للمعلومة: عندما يقرأ الطالب في كتاب العلوم أن السرعة تتناسب عكسيا مع الزمن، تكون هذه المعلومة غامضة ويصعب تذكرها، لكن إذا سألته كم دقيقة يحتاج للوصول من البيت إلى المدرسة في السيارة ؟ فسوف يقول 20 دقيقة مثلا. ثم اسأله كم دقيقة يحتاج لو سارت السيارة بضعف السرعة ؟ فسوف يجيبك فورا 10 دقائق وعندها تصبح المعلومة مفهومة تماما ولا يحتاج إلى جهد ليتذكر أن السرعة تتناسب عكسيا مع الزمن.
2- الحرص على تذكر المعلومة: تخيل أنك كنت تسير في الشارع، وشاهدت سيارة تصدم أحد الأشخاص ثم تهرب دون أن تتوقف. عندها تستطيع بنظرة سريعة أن تتذكر رقم السيارة والسبب في ذلك ليس سهولة الرقم، وإنما حرصك على التذكر.
والآن إليك بعضا من أساليب تحسين الذاكرة:
أولا: أسلوب فهرسة البيانات :
أنت تعرف ولا شك فائدة الفهرس الموجود في بداية أو نهاية كل كتاب، فمن خلاله نستطيع الوصول بسرعة إلى أي عنوان في الداخل، لأن الفهرس يتألف من جانبين: جانب يحتوي على العناوين والجانب الآخر على أرقام الصفحات.
والآن فكر معي، ماذا لو أعددت فهرسا عقليا للمعلومات الهامة التي تريد تذكرها ؟
بالطبع يمكن إعداد مثل هذا الفهرس، والمطلوب فقط أن تربط كل معلومة هامة برمز من الرموز التي يتذكرها العقل بسهولة، وعندما تريد استرجاع المعلومة، سوف يقفز هذا الرمز إلى الذهن بسرعة، فتتذكر المعلومة المرتبطة به. وقبل أن أعطيك أمثلة توضيحية أريد أن أخبرك عن خصائص الذاكرة الإنسانية وأولوياتها حتى تعرف كيف تختار الرمز المناسب:
1- أسهل الأشياء التي يتذكرها العقل الصورة أولا ثم الصوت ثم الأحرف ثم الأرقام.
2- لا يشترط أن تكون الصورة حقيقية، فالعقل يتعامل مع الصورة الخيالية كما يتعامل مع الصورة الحقيقية.
3- كلما كانت الصورة غريبة، كان تذكرها أسهل على العقل.
4- عند ربط معلومة معينة بصورة حقيقية أو خيالية، فإن العقل يتذكر المعلومة إلى جانب الصورة.
والآن إليك بعض الأمثلة عن تكوين فهرس عقلي من معلومة مصورة :
· إذا أردت أن تتذكر أنك وضعت المفتاح تحت المقعد، تخيل أنك لا بد أن تمر من تحت المقعد حتى تدخل إلى البيت. كرر هذه الصورة عدة مرات، عندها لن تنس أبدا أن المفتاح تحت المقعد.
· إذا أردت أن تتذكر أن الحرب العالمية الأولى بدأت عام 1916 أرسم على ورقة صورة الكرة الأرضية وهي تشتعل ومكتوب عليها رقم 16 .
كرر المعلومة عدة مرات وأنت تتأمل الصورة، وبعدها لو سألك شخص بعد عدة سنوات متى بدأت الحرب العالمية الأولى، فسوف يكون جوابك الفوري 1916.
الفهرس العقلي للبيانات
المفتاح موجود تحت المقعد
تخيل نفسك تدخل من تحت المقعد
الحرب العالمية الأولى بدأت عام 1916
تخيل أن الكرة الأرضية تشتعل وعليها رقم 16
وهكذا تستطيع أن تبني فهرسا عقليا لكل المعلومات الهامة، فلا تنساها أبدا. ولا يشترط عند بناء الفهرس أن تكون الصورة منطقية بل يكفي أن تكون غريبة.
ثانيا: أسلوب الربط:
يستخدم هذا الأسلوب لتذكر الأرقام والأسماء والتواريخ.
· ربط الأسماء :
احرص أولا أن تفهم معنى الاسم حتى تستطيع ربطه بصفة جسمانية أو لون أو شكل، فمثلا لو قابلت شخصا اسمه فاروق وتريد أن تتذكر الاسم، فتذكر أن كلمة فاروق تعني التفريق بين الأشياء وبالإمكان ربط اسمه بالطريقة التي يفرق بها شعره، أو بالفريق الذي يعمل معه، أو بالطريقة التي يفرق فيها بين الأشياء، ولا بد أن تجد علاقة معينة ولا يشترط كما قلنا أن تكون منطقية، بل كلما كان الربط غريبا، كان التذكر أسهل. ومن المهم أن تكون حريصا على تذكر الاسم، فتكرره عدة مرات وتحاول في نهاية كل يوم أن تراجع أسماء الأشخاص الذين قابلتهم لأول مرة في ذلك اليوم.
· ربط الأرقام :
قلنا أن تذكر الأحرف والكلمات أسهل من تذكر الأرقام والأعداد، لذلك يمكن أن تربط كل رقم من الأرقام بحرف من الأحرف الأبجدية حسب اختيارك، ويمكن أن أقترح عليك الربط الآتي:
ا ب ج د ه و ز ح ط ي 1 2 3 4 5 6 7 8 9 صفر
ويمكن حفظ هذا الجدول بسهولة كما تحفظ جدول الضرب. وعندما تريد أن تتذكر الرقم 41361 مثلا، فأنت تكتب الحرف المقابل لكل رقم فتحصل على كلمة "اوجاد" لاحظ أنها أسهل من واحد وأربعون ألفا وثلاثمائة وواحد وستون.
قد لا تبدو هذه الطريقة ملائمة لكنها مع التدريب تحقق فائدة كبيرة.
وهناك طريقة ثانية للربط، وهي تحويل كلمة "اوجاد" إلى جملة من خمس كلمات لها معني بحيث تبدأ كل كلمة بحرف من أحرف "اوجاد" وعندما تريد تذكر الرقم تعيد تحويل الحرف الأول من كل كلمة إلى الرقم المقابل.
مثلا لو كان الرقم الذي حولته إلى كلمة "اوجاد" هو رقم سيارة صديقك جمال فيمكن كتابة الجملة التالية :
أنا وعدت جمال احفظ دائما
وهكذا تم تحويل الرقم إلى جملة لها معنى ويمكن حفظها بسهولة واستعادة الرقم منها في أي وقت. وسوف تكتشف فاعلية هذا الأسلوب بعد التدرب عليه إلى حد الإتقان. وبالطبع فإن ما ينطبق على الأرقام ينطبق على التواريخ:
ثالثا: أسلوب التقسيم:
أسلوب التقسيم يستخدم أيضا لحفظ الأرقام وهو أسلوب شائع ومعروف، فبدلا من حفظ الرقم 5916274 كاملا يمكن حفظه مقسما على النحو التالي:
4 – 27 – 16 –59 وهذا الأسلوب مناسب لأرقام الهاتف بشكل خاص ويمكن كذلك تقسيم الأرقام بكلمات لها علاقة بصاحب الرقم، فمثلا إذا كان هذا هو رقم هاتف الفندق، فيمكن تقسيم الرقم على النحو التالي:
الفندق فيه 74 رجل و62 امرأة و 91 مقعد و 5 سيارات، وإذا كررت هذه الجملة عدة مرات، فسوف تحفظها بسهولة وتتذكر الرقم