وبخصوص ما ورد– ابنتي الكريمة الفاضلة – عن الدعاء، فان الدعاء أمره غريب وسره عجيب، ولا أعتقد أن هنالك سلاحًا عرفته الدنيا كلها أقوى وأشد من سلاح الدعاء، ولكن مع الأسف الشديد أننا لم نحسن استغلاله أو الاستفادة منه، فالدعاء كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – : (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، يعني القضاء الذي قدره الله وقضاه لا يرده أي شيء كائنًا من كان إلا الدعاء، فالنبي - عليه الصلاة والسلام – أخبرنا أن الدعاء يلقى القضاء ما بين الأرض والسماء، فيعتلجان، تدور معركة ما بين الدعاء والقضاء، فإذا كان دعاء العبد أقوى، غلب القضاء فرُفع ولا ينزل ولا يصيبه منه شيء، وإذا كان الدعاء أضعف فإن القضاء يتغلب عليه ولكن ينزل مخففًا، ولكن اذا كان الاثنان في قوة واحدة ظلت المعركة قائمة حتى يدعو العبد دعوة أخرى فيرفع الله بها هذا البلاء.
فالدعاء عظيم، ولذلك - بارك الله فيك – أتمنى أن تواصلي الدعاء ولا حرج أن تدعي الله عز وجل أن يرزقك شخصا معينا شريطة أن تكون فيه الشروط الشرعية، أما أن تدعي بأن يرزقك شابا عينه خضراء أو أن شكله طويل أو شعره مسبسب أو أن شكله فرنساوي أو يلعب الكرة أو نجما سينمائيا، هذه خسارة أن تدعي من أجل هذه الأمور، أما لو دعوت الله - تبارك وتعالى – أن يكرمك بعبد صالح يكون عونًا لك على طاعة الله ورضاه، هذا هو القصد، الذي أحييك وأشد على يدك فيه لأن هذا هو الذي ينبغي فعلاً أن يُسأل، لأنه صدقيني لن تسعدي أبدًا إلا مع الشاب الصالح الذي يفهم دينه الفهم الصحيح ويتقي الله - تبارك وتعالى – فيك، إذا أحبك أكرمك غاية الإكرام، وإذا كرهك لم يظلمك لأنه يعرف أنك مسئولية عنده وأنك أمانة، والله - تبارك وتعالى – سائله عنك يوم القيامة، كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – بقوله: (والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) فالمسلم يعلم بأن امرأته مسئولية فيتق الله فيها ويحافظ عليها غاية المحافظة.
أما موضوع أن هناك أحدا يقطع النصيب، ليس هناك شيء يقطع النصيب، لأن النصيب هذا معناه الرزق، والرزق في السماء ولا يعلمه أحد، الرزق هذا بيد الله وحده، الله - تبارك وتعالى – وضع لكل إنسان خزانة فيها رزقه، ولذلك ينزل لك الرزق بتقدير الله تعالى.
الملائكة فقط يحملون الرزق إليك، ما له علاقة، الرزاق واسع أو الرزق ضيق أو الرزق كبير أو الرزق صغير، هذا لا يتدخل فيه أحد، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبالتالي موضوع أن أهلك يقطعون النصيب إذا رفضوا شابًا فهذا ليس صحيحًا، إذا كان قد قدره الله لك فلن يرفضه أحد أبدًا، وإذا كان لم يقدره الله لك فمعنى ذلك أنهم لو وافقوا عليه جميعًا لن يكون من نصيبك مطلقًا، لأن الله - تبارك وتعالى – كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – بقوله: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، كل شيء ربنا قدره، فكل الذي يحدث الآن أو سيحدث إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار كلٌ مقدر ومكتوب معلوم، فالشاب الذي قدره الله لك سوف يكون من نصيبك قطعا مهما حاول أهلك أو غيرهم.
فتوكلي على الله وأكثري من الدعاء لأنه جل شأنه يحب الملحين في الدعاء ولكن ننصح ألا تحددي شخصا بعينه لاحتمال ألا يكون مناسبا لك، لأنك لا تعلمين الغيب، ولا تدرين هل يناسبك أم لا؟ ولذلك سلي الله زوجا صالحا يسعدك ويكون عونا لك على طاعته ورضاه ويجوز أن تقولي:
اللهم إن كان هذا الشاب خيرا لي فيسرلي الارتباط به واجعله سببا في سعادتي وإعانتي على طاعتك يا أرحم الراحمين.
واتركي الأمر لله يتخير لك ما يصلحك ويصلح لك من الرجال.
ويمكنك مراجعة هذه الاستشارات التي تتكلم عن هل الزواج قضاء وقدر؟ (
271640 -
269228 ).
وبالله التوفيق.